مراوغة اللافتات بين تصحيح الأحاديث – المذاهب الأربعة – تسطيح العقل

 

يكاد كل من يغلو في العقل ويعارض به النصوص الصحيحة أن يرجع إلى فكرة اختزال العقل في نوع واحد من النظر، وقد ذكرت سابقا في هذه الإضاءة ما يلي :

” ما يطلق عليه عقل ليس كله شيئا واحدا, بل منه مطلقات قطعية ومنه ظنيات ومنه أوهام ومزاجات وأذواق، فهناك عقليات مطلقة ضرورية مشتركة، وهناك نسبيات خاصة متفاوتة, وهذا ينافي التصور المغالي في العقل الذي يصوره شيئا واحدا معياريا وموثوقا بإطلاق”. انتهى

فقول بعضهم القدح في العقل يقدح في أهلية الإنسان للتكليف هو كقول بعض المتكلمين أن القدح في العقل يقدح في شاهد إثبات الرسالة، وكله من هذا الخلط والاختزال في تصور العقل

ومراوغة بعضهم بتغيير اللافتات، فتارة يرفع لافتة تجديد الفقه، وتارة إعادة النظر في بعض الأحاديث الصحيحة، هي مراوغة مكشوفة ترجع إلى منطلق فاسد، وهو تحكيم ما لا ينضبط من العقليات المتأثرة بأهواء البشر وفلسفات الإنسانوية الحديثة

ولافتة تجديد الفقه بالذات تضحك من يفهم طبيعة الفقه، فالفقه بطبعه متجدد، ثري بالتنوع وتعقب الفقهاء لبعضهم حتى داخل المذهب الواحد، إضافة لظاهرة عدم التقيد بالمذهب الواحد التي فتحت مجالا أكبر للمرونة واستيعاب المستجدات وتحري الأصوب من جهة الدليل والمقاصد الشرعية بطريقة منضبطة بالمناهج المبرهنة، وكل ذلك ضمن دائرة الإجماع التي تضبط الفقه من الشذوذ والخروج عن قواطع الشرع وما عصم الله فيه الأمة من التنازع بصحته في نفسه، وهو جزء كبير مما يسمى بالفقه، تجتمع عليه تلك المذاهب والأقوال

فحقيقة ما ينادي به هؤلاء لا يمكن أن تخرج بجديد إلا بنقض الإجماع وتقويض الأصول، ولذا جاءت إشارة بعضهم للقدح في منهجية تصحيح الأحاديث، لأن مطلوبه لا يتحقق من داخل نفس النظام الاستدلالي المجمع عليه، فتجديد الفقه مجرد لافتة لمشروع عبثي هدمي سينهار مثل غيره عند أسوار الشريعة المباركة

إضاءات ومنشورات سابقة:
https://t.me/ttangawi/191
https://t.me/ttangawi/1676
https://t.me/ttangawi/521
https://t.me/ttangawi/109
https://t.me/ttangawi/509