بين شيطنتين!
ننتبه كثيرا إلى شيطنة المخالف من غيرنا، حين يصوّر على أنّه كتلة شر محض لا خير فيه، فننزعج من ذلك التصوير الظالم، ولكن قلّما ننتبه إلى الشيطنة الداخلية، والتي يكون التصوير فيها من الشيطان نفسه، فيجعلنا نتصور من يزل أو يخطأ على غير صورته، فلا نرى فيه إلا قصد الشر وصفات الشر، فنظلمه في دواخلنا، ثم ننتقل لمرحلة شيطنته في عيون الآخرين بلا رحمة، لأنّا قبلنا عنه صورة منزوعة الخير
وليست هذه دعوة للاتجاه المعاكس، الذي لا يتصوّر إنساناً أضمر الشر وهويه وصيره قائدا له، فهذه الصورة موجودة، ومحاولة محوها من الوجود تضفي سذاجة في الوعي، وتخلّ بالمواقف المناسبة التي يجب اتباعها تجاه نوع من البشر لا يزال موجوداً
بل المراد أن نعي بوعينا، فننتبه لما يجري في دواخلنا ولا ننساق مع وساوس خفية تقودنا لتصورات لا تطابق الواقع، وحين يحصل هذا الوعي مع العلم بمنازل الأعمال في الشرع والتفريق بين الخير والشر في ضوء معاييره، حينها تكون التصورات والأحكام أقرب للصواب
فلننتبه لتأثير الشيطان في دواخلنا، كما ننتبه لشيطنة الناس الجائرة التي تكون من خارجنا، دون إفراط ولا تفريط، مع الأناة والاعتراف بجهل النفس وعدم وضعها في مواضع حكم على الآخرين ليست مؤهلة لها، خاصة في مواضع الاشتباه واختلاط الخير والشر
أحدث التعليقات