موجة التصحيح في التعاطي مع علم النفس محمودة، ولكن يلاحظ على بعض الطرح أنه لا زال يتمسك باختزالات المناهج الغربية بطريقة مخففة

فيطرح بعضهم مشكورا تأثير الإيمان وتصورات العقيدة في الجانب النفسي، لكنه يستبعد الشيطان وتأثيره بحجة أنه لا يستطيع رصده وإدخاله ضمن المنهج التجرييبي، وهذا تشوه منهجي معرفي ينازع الفكر الغربي في جانب ويسلم له في جانب، أو يخفف من اختزاليته لكنه لا يلغيها

ويطرح بعضهم تأثير الأذكار في استجلاب الهدوء وكأنها ممارسة تيقظ ذهني، وهي وإن كانت تورث الهدوء لكن لما فيها من آثار شرعية غيبية أخبرت بها النصوص في جلب الطمأنينة والتحصين من عموم الشرور

ومثل هذه الاختزالات تضر بالمسلم، لأنه إذا تعمق في العلاج النفسي تأثر عنده جانب منهجية النظر في مشاعره من ناحية المؤثرات الفكرية، واتجه إلى تحليلها عقليا، وهذا مفيد في كثير من الأحيان، لكن اختزال ما يعمل في النفس في ذلك غير صحيح، فتارة يكون الشعور ناتجا عن تقصير في طاعة أو غفلة عن ذكر أو تجاسر على معصية أو تسلط شيطان، وربما زال بسبب شرعي يسير مثل الذكر والتوبة والاستعاذة، ولم يحتج للقصة الطويلة المبنية على نقاش الأفكار وتحليل المواقف والمشاعر في ضوئها!

فالحاصل أن حرص بعضهم على عدم توسيع مساحة الانفصال عن الفكر الغربي يورثه شيئا من علمنة الشرعيات المتعلقة بالنفس، ومحاولة تقديمها بطريقة مخففة قابلة للرصد والتجريب المادي، مع التخفيف من محتواها الغيبي الذي لا تستطيع أدوات التجريب رصده او حتى رصد أثره بنفس الانضباط المعهود في الأدبيات المعترف بها

وهذا منشور سابق ذو صلة :

https://t.me/shariamed/147