رسائل في حسن الظن بالله عز وجل
حسن الظن بالله من أقوى ما يستعمله المؤمن في تجاوز التأثير النفسي للصعاب، خاصة مع استحضار لطف الله في إيصال الخير، وحكمته في المنع والعطاء، وحلمه على من عصاه، وصدق وعده لمن أحسن الظن به واتقاه
تفائل فإن ربنا سبحانه يدبر بلطفه لدينه ما لا يخطر ببال.. ولينجزن وعده سبحانه
حسن الظن به وارتقاب فرجه من آثار معرفته
تأمل مثلا كيف استحيا فرعون نساء بني إسرائيل وذبح أطفالهم فوقع به بلاء شديد جدا، ثم تأمل كيف صنع مشهد هزيمته المعنوية المدوية بغروره بنفسه، حين جمع الناس لمشهد انهزام السحرة، ثم حصلت له الهزيمة الحسية بإغراقه في كامل قوته وجنده !
والعجيب أن فرعون ظل يكابر الواقع بعد ظهور الآيات على تأييد الله لموسى عليه السلام حتى توسط البحر وورد مهلكه بنفسه
فسبحان الله القوي المتين
اعلم أن الله سبحانه متصف بصفات الكمال، ومنها ماتضمنته أسماؤه الحسنى، فأنزل حوائجك به وحده وأنت موقن بأنه سميع مجيب قريب رحيم كريم واسع جواد..
وإياك أن تظن بالله ظن السوء وتشبهه بالمخلوقين ممن لايدخل عليهم إلا بالوسائط ويطردون الضعفاء، فبأس الظن وبأس القياس ظن {الظانين بالله ظن السوء}، فظن السوء هذا أصل لانحراف المشركين ممن يمم وجهه وعلق قلبه بغير الله، جهلا منه بكمال صفاته وسعة فضله ورحمته
واعلم أن إجابته واسعة لاتحد بأوليائه، فهو رب العالمين لارب الأولياء فقط، ورحمته وسعت كل شيء، وقد وعد بكتابه بإجابة مطلق الداعين {أجيب دعوة الداع إذا دعان..}، وخص المضطرين {أمن يجيب المضطر إذا دعاه..}، وفي قصة سليمان أن نملة استسقت فقال عليه السلام: قد سقيتم بدعوة غيركم!
مع حسن الظن بالله والإيمان بلطفه وحكمته وكرمه، يداعب القلب ذلك الشعور الجميل بترقب الفرج، حتى أنه لو لم يحصل للعبد إلا ما يجده من راحة القلب وتعلقه بمولاه وتوكله عليه، لكان في ذلك ما هو خير له مما يرجو في العاجلة
الأمل الجميل !
التفكر في عنصر المفاجأة في الأقدار يبعث الأمل، فكم من ضائقة تنزل بالعبد لا يكاد يجد منها مخرجا، ثم تأتي ألطاف الله من حيث لا يحتسب.. وتشعر أن في ذلك التقدير جمال
تأمل مثلا قصة يوسف عليه السلام، تجد فيها جمالا في تدرج الأقدار به من غيابة جب إلى منصب خزائن الأرض!
لم يكن صبر يعقوب وحده هو الجميل، بل كان قضاء الله فيه وفي بنيه جميلا، وقراءة ذلك للمحزون تبعث أملا جميلا..
ألطاف الله دوما موجودة.. لكن بعض الأبصار عن بعضها محجوبة
لو لم يكن في حسن الظن بالله إلا راحة القلب ونعيمه بالثقة بالله لكفى، ومع ذلك يحصل للعبد من مشاهدة اللطف والحكمة ما يغيب عن من حجبه سوء الظن عن الخير
حسن الظن سر التوكل، والشيطان حريص على التقنيط وصرف العبد عن شهود كمال الله عز وجل ورحمته ولطفه بمشاهدة تقصيره في جنب الله، مع أن ذلك التقصير مع الانكسار والاعتراف بالذنب يرجى معه الجبر والرحمة
محاسبة العبد نفسه مطلب، لكن ليس من الفقه أن تحضر تلك المحاسبة في صيغة القنوط والظن بالله أنه ينزل الحرمان في مقام الانكسار والفاقة إليه، فهذا خلاف عادته التي امتن بها سبحانه، فالله بر رحيم، ونعمه وأقداره شاهدة
صفات الربوبية ليست خاصة بالصالحين، فالله هو رب العالمين، وكل خلقه عالم، وأنا وأنت من ذلك العالم
أحدث التعليقات