الفهم الأعوج لقوله تعالى: {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}
قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، فأثبت أثر الدين في منزلة الإنسان، فيأتي بعض الناس لصدر الآية {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا} فيجعلها أصلاً في تهميش فارق الدين وتسوية الناس ببعضهم مهما اختلفت عقائدهم!
وهذا والله من أعجب العجب، فقد يتفهم الإنسان أن يذهب المبطل إلى آية فيها إطلاق ويترك أخرى، ليلبس على الناس بذلك، أما أن يورد آية أولها وآخرها متصل لفظا ومعنى فيتجرأ على تقطيع نسيجها، فهذا في غاية الاستخفاف بالعقول
قارن بين هذا الفهم الأعوج وبين قول ابن كثير مثلا: ” فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء ، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية ، وهي طاعة الله ومتابعة رسوله – صلى الله عليه وسلم -“
والناظر في القرأن يعلم يقينا أنه لم يأت بهذه العقيدة التي تجعل الانتساب للإنسانية ملغيا لموقف الإنسان من ربه ورسالاته، وإنما جاء بالفرقان بين الحق والباطل، وجمع الناس بالبشرية في أحكام في الدنيا، وفرقهم في أحكام أخرى في الدنيا والآخرة بسبب الدين
ومن الرحمة بالناس أن يكاشفوا بهذه الحقيقة، وأن يصور لهم الدين على أنه طريق نجاة وفي تركه الهلاك، لا أنه طريق لحياة روحية شخصية أو فلكلور مناطقي، وأين هذا من قوله تعالى {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}، فهذه الحقيقة، ومن أخفاها فقد شوه صورة الإسلام وغش الناس وأعطاهم ما يخدرهم عن إدراك أهم حقيقة خلقت لها السماوات والأرض ومن فيهن {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
وقد ذكرني هذا التحريف بإتيان بعضهم بقوله تعالى {لكم دينكم ولي دين} في سياق تهوين مخالفة دين الإسلام، وقد علق ابن تيمية قديما على هذا فقال :
” وقال تعالى : { قل يا أيها الكافرون } { لا أعبد ما تعبدون } { ولا أنتم عابدون ما أعبد } { ولا أنا عابد ما عبدتم } { ولا أنتم عابدون ما أعبد } { لكم دينكم ولي دين}
وهذه كلمة تقتضي براءته من دينهم ولا تقتضي رضاه بذلك ; كما قال تعالى في الآية الأخرى : { وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون } .
ومن ظن من الملاحدة أن هذا رضا منه بدين الكفار فهو من أكذب الناس وأكفرهم.. “
أحدث التعليقات