تحريف العلمانية لصورة الشريعة والفقهاء
يحاول بعض من يرفضون هيمنة الإسلام كنظام شامل لكل جوانب الحياة أن يوردوا التشكيكات من ناحية دور الفقهاء، وذلك بأن يصوروا شمولية الشريعة كنتاج من ابتداع الفقهاء، مع تصويرهم كأنهم مؤسسة منظمة متآمرة خبيثة الغرض، وهذه الدعوى تبدو سخيفة بأدنى تأمل، ومما يبين ذلك ما يلي:
١/ لأي مسألة فقهية تطرح بأي زمن جذور نصية من الوحي وقواعده، وهذا يعني أن (المصدرية) للوحي نفسه واجتهاد الفقيه تبع محكوم به، وأدنى اطلاع على كتب الفقه يكشف عن مركزية تعليل الأحكام وإرجاعها لأصولها في الوحي بصورة واضحة لا يمكن تجاهلها
٢/ غالبا ما يكون لربط المسألة الفقهية بالنص (استنباطها من النص) امتداد تاريخي ضارب في القدم، يرجع للصحابة ومن بعدهم في الآثار المروية والفتاوى والمصنفات الفقهية وغيرها، فحتى الاستنباط من النص (الآلية) ليست وليدة تآمر من مؤسسة فقهية قررت ذلك في سياق ظرفي ما لتحقق مصالحها الشخصية
٣/ لفهم النص قواعد ثابتة مأخوذة من النصوص ومقررة من القدم أيضا، وهذا يعني أن هناك (معيارية) ضابطة، وهذا يقيد الفقيه ولا يتيح له التلاعب، وحتى لو حصل ذلك من بعضهم فسينكشف ويرد عليه لوجود المعيارية الحاكمة
٤/ الحركة الفقهية على مدى التاريخ نسيج متنوع، لا يخضع لسلطة مركزية غير الوحي، بل إن هذا النسيج شهد تجاذبات علمية قد وصلت بعض الأحيان لحد التعصب والردود الشديدة، فكيف يستقيم في هذ الجو من التعارض الاتفاق على التآمر على اختلاق الأحكام وتزويرها، والحال أن الجو مفعم بالنقد الدقيق والصارم على مستوى التقعيد والتطبيق، فلا بد مع ذلك أن ينكشف أي خروج عن معايير الشريعة ولو بالخطأ فضلا عن الدس والتحريف المتعمد
فالحاصل أن العلمانية المناهضة لهيمنة الإسلام الشاملة تحاول تحريف صورة الشريعة لنفي صلاحيتها، وليس عندها مانع أن تسلك في سبيل ذلك سبيل المغالطة والتحريف، والخلط بين نموذج رهبان النصارى ، وبين فقهاء الإسلام الذي حفظه الله للعالمين دينا خاتما كاملا {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، ومن لوازم حفظه أن ينتفي عنه التحريف وينكشف حتى لو حصل، ولا تجتمع عليه خير أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر
والله المستعان على ما يصفون
أحدث التعليقات